سباق مع الزمن ملاك فوّاز

سباق مع الزمن

ملاك فوّاز مدرّبة ومنسقة روضات

 

قياس الوقت وضبطه هو فن بحد ذاته، غير أن تاريخ تطور أدوات قياس الوقت والساعات بأنواعها والمراحل التي مرت بها تخبرنا الكثير عن مهارات الانسان وابداعاته عبر الزمن. فكانت الساعة الشمسية في زمن المصريين وبعدها الساعة المائية ثم الرملية الى الميكانيكية لنصل الى الساعة الالكترونية في عصرنا هذا.

ما يجمع بين هذه الأنواع كلها بأن الوقت واحد: أربع وعشرون ساعة للنهار وليس بيدنا تمديده أو تقليصه، هو ثابت لا يتغير. فما الذي تغير؟

الذي تغير هو الانسان واهتماماته، كانت الحياة بسيطة، يكتفي فيها الفرد بعمله نهارا وبالراحة ليلا لينهض ويبدأ بيوم جديد. أما في أيامنا هذا، أصبح طموح الانسان الجامح أكبر من أن يتسع له زمنه مع تطور البشرية واكتشاف الحضارات فقد يصل الليل بالنهار ولا يكتفي بالوقت.

للأسف الشديد، أصبحت الساعات في عصرنا هذا ( خاصة الالكترونية) تخطط لنهارنا، تقيس الأنفاس وتقوم بعد الخطوات ودقات القلب حتى أنها تمكننا من التواصل مع الآخرين.

بات الانسان أسيرا لوقته خصوصا مع وجود مغريات كثيرة والانجرار وراء الترفيه والتسلية والغرق في فضاء وسائل التواصل الاجتماعية مع وفرتها وسهولة استخدامها، ليبدو الأمر وكأن التطور التكنولوجي قد ابتلع الساعة وابتلع معها الزمن. فإلى أين بعد؟

يركض الانسان خلف الوقت مهرولا وهو يسابقه كما تتسابق الفصول مدونا لكل نهار حكاية ولكل حكاية بداية. عسى أن تبدأ بشكل سليم لكي تكون النهاية نعيم.

هل خططنا كيف يبدأ نهارنا؟ هل تفكرنا بسطور صفحات حكايتنا؟

الانسان الناجح هو الذي يخطط لنهاره منذ بدايته، يسعى لأداء واجباته على أكمل وجه، يعمل بجد ونشاط،

يطور نفسه ويركز على تحقيق ذاته وتقديرها بصرف النظر عن مغريات الحياة التي يسعى الغرب لغرزها فينا، وتضليلنا.

الانسان الناجح هو الذي يتسابق مع الزمن من أجل تحقيق أهدافه التي تشعره بالرضا والاعتزاز بالانجاز.

الانسان الناجح هو الذي يقوم بجردة لنهاره ليلا قبل أن ينام من أجل التأكد من السطور التي خطّها.

فلنسعى دائما أن تكون الحكاية جميلة ولها أثر يقتدي به جيل المستقبل.