دور التقويم الإلكتروني في تنمية مهارات التفكير العليا لدى التلاميذ

د. زينب حيدر

التقويم هو عملية جمع المعلومات حول ما يعرفه الطلاب بناءً على خبرتهم التعليمية، وعادة ما تُستخدم نتائج التقويم لتحديد مجالات الضعف لدى التلاميذ والتأكد من أن محتوى الحصص التعليميّة يلبي احتياجات التعلُّم. ومع ظهور جائحة كورونا وتأثيرها على القطاع التعليمي في العالم، برز مفهوم التعلُّم عن بُعد، وظهرت الحاجة للتقويم الإلكتروني.

ويُعرّف التقويم الإلكتروني "بأنه عملية توظيف شبكات المعلومات وتجهيزات الحاسوب والبرمجيات التعليمية والمادة التعليمية المتعدّدة المصادر باستخدام وسائل التقييم لجمع وتحليل استجابات الطلاب بما يساعد المعلمين على مناقشة وتحديد تأثيرات البرامج والأنشطة التعليمية للوصول إلى حكم مقنّن قائم على بيانات كميّة أو كيفيّة متعلّقة بالتحصيل الدراسي"

هناك نوعان أساسيان من التقييمات الإلكترونيّة:

التقويم التكويني: تحدث التقييمات التكوينية خلال التعلُّم عن بُعد وتُستخدم لتحديد مدى جودة تعلم الطالب للمادة. وهي أفضل عندما تكون مستمرة ومتّسقة وتقدم ملاحظات نقدية للمتعلمين. يجب على المعلم أن يمنح فرصًا للمناقشة المثمرة إذا كان الطلاب يعملون بشكل متزامن، وأن يبحث عن طرق لجعل الطلاب يشاركون بنشاط في الدروس باستخدام أدوات مثل (Jamboard) و(Google Slides). تجعل هذه الاستراتيجيات التعلم مرئيًا لجميع الطلاب وتوفر فرصًا ممتازة لتقييم تقدُّم الطلاب خلال سير الدروس بدلاً من الانتظار حتى الاختبار النهائي.

التقويم النهائي: يُشار أحيانًا إلى التقييمات النهائية على أنها اختبار نهائي وتقيس ما تعلمه الطالب بعد إكمال درس معين.

لكن لا يمكن أن ننسى الدور الأساسي الذي تلعبه طرق التقويم المعتمدة من قبل المعلم على تلاميذه. إذ أن طرق التقويم تعكس درجة تحفيز التلاميذ للمادة. فتركيز المعلم على التحفيز الخارجيextrinsic motivation كالتكلم دائما ًحول حصول التلاميذ على علامات مرتفعة في المادة يساهم في ارتفاع نسبة الغشّ من قبل التلاميذ وتركيز اهتمامهم على العلامة دون محاولة فهم المادة بشكل مناسب. أما لجوء المعلم لطرق تقويم حديثة مثلاً التقييم بالمشاريع project based learning، بحيث يقوم بمحاولة معرفة أفكار التلاميذ السابقة عن موضوع ما"، تساهم في تنمية التحفيز الداخلي لدى التلاميذ، والتفكير الناقد لديهم.

كما ترتبط طرق التقييم التي يعتمدها المعلمون بالقدرات العقلية للتلاميذ. عندما تركز الامتحانات على الحفظ وتذكر المعلومات، فإن التلاميذ لا يستعملون مهارات تفكير عليا. وبالمقابل فإن الامتحانات المدرسية التي تركز على حلّ مشاكل من الحياة اليومية للتلاميذ، تسمح لهم بالتفكير بعمق وبطريقة إبداعية. وقد دلت عدّة دراسات ومنها دراسة (Margulies, 2005) التي هدفت إلى معرفة أثر استراتيجية التقويم الحديث (الملاحظة، ملف الإنجاز) على استيعاب طلاب مادة الأحياء، في الصف التاسع أن طلاب المجموعة التجريبية الذين خضعوا لهذا التقويم كان أداؤهم وتحصيلهم أفضل من طلاب المجموعة الضابطة.

لذا سنحاول الإجابة على سؤال ما هي طرق التقويم الإلكتروني التي يُمكن للمعلم اعتمادها خلال عملية التعلُّم عن بُعد بهدف تنمية مهارات التفكير العليا لدى تلاميذه؟

هناك عدة طرق للتقويم الإلكتروني والتي يمكن أن تساهم في تحفيز مهارات التفكير العليا لدى التلاميذ ومنها:

  1. الاختبارات القصيرة:

الاختبارات القصيرة هي أداة تقييم تقليدية. بالإضافة إلى ذلك، عند إقرانها بالتكنولوجيا، فهي طريقة ممتازة لإشراك الطلاب في التعلم. يمكن أن تتخذ أسئلة الاختبار عددًا من النماذج، مثل الاختيار من متعدد، وملء الفراغات. تتمثل إحدى فوائد الاختبارات القصيرة في أنها قصيرة وسهلة التقييم. كما أن ترتيب الأسئلة والخيارات يمكن أن تكون عشوائية، لذلك فإن اختبار كل طالب ممكن أن يكون فريداً من نوعه.

تُعد الاختبارات القصيرة عبر الإنترنت مثالية لقياس نتائج التعلم عبر جمهور عريض. نظرًا لأن كل طالب يخضع لنفس الاختبار، يمكن للمعلم مقارنة النتائج عبر الصفوف المختلفة ومعرفة مدى تقدُّم التلاميذ. وبهدف جعل هذه الاختبارات محفزة لتنمية مهارات التفكير لدى التلاميذ يمكن للمعلم أن يضع خانة لتبرير الإجابة الصحيحة.

  1. الأسئلة المفتوحة المقالية:

الأسئلة ذات النهايات المفتوحة أو الأسئلة من نوع المقالة هي واحدة من أكثر طرق التقييم النوعي شيوعًا. هي تحثّ المتعلمين على استكشاف أفكارهم ومشاعرهم وآرائهم، أثناء اختبار فهمهم العام للموضوع. يشجع هذا النوع من الأسئلة على التفكير النقدي. تتطلب الأسئلة المقالية وقتًا أطول حتى يتمكن الطلاب من التفكير في إجاباتهم وتنظيمها وتكوينها

.3. التقييم القائم على المشاريع:

يمكن للمعلم بناء مشروع حول موضوع بحث أو نشاط لحل المشكلات أو نشاط إبداعي. على سبيل المثال، يكلف المعلم الطلاب بالبحث عن مشكلة في العالم الحقيقي ترتبط بالمحتوى الذي درسوه، ثم يطلب منهم تصميم حل إبداعي بناءً على ما تعلموه، وأن يقوموا بعرضه أمام زملائهم.

  1. طريقة جيكسو:

يقوم المعلم بتجميع الطلاب في مشروع مشترك، ولكن عليه بتعيين أدوار مختلفة لهم، ويجب عليه وضعهم معًا لإنشاء مشروع نهائي. تنوع هذه الأدوار يؤدي إلى أن يتحمل الطلاب المسؤولية عن مجالات مختلفة من البحث

يمكن تحويل المشاريع الفردية إلى مشاريع تعاونية باستخدام طريقة جيكسو. عندها سيكون المعلم قادرًا على تقييم قدرات العمل الجماعي للطلاب مع تخفيف عبء العلامات.

  1. ملف الإنجاز الإلكتروني:

يعرف باريت (Barret, 2000) ملف الإنجاز الإلكتروني على أنه سجل أو حافظة لتجميع أفضل الإعمال المميزة من دروس ومحاضرات ومشاريع وتمارين، في مقرر دراسي ما. وتختلف مكونات الملف من معلم لآخر حسب فلسفته التربوية في تنظيم الملف، ويعتمد في عرض هذه الأعمال على الوسائط المتعددة من صوت ونص ومقاطع فيديو وصور ثابتة ورسوم بيانية وعروض تقديمية، ويتم التنقل بين مكونات الملف باستخدام وصلات إلكترونية، ويمكن نشره على شبكة الإنترنت أو على اسطوانات مدمجة CDs .

  1. تقويم الأداء:

يهتم بقياس قدرة المتعلم على أداء مهارات محددة أو إنجاز مهمة تعليمية محددة

  1. المقابلات:

يمكن إجراء المقابلة في بيئة التعلم الإلكتروني بطريقة تزامنية باستخدام النصوص المكتوبة أو المسموعة والمرئية من خلال المقابلات عبر الفيديو.

  1. اليوميات:

هي عبارة عن تقارير يحتفظ بها المتعلم باستمرار عن أدائه لعمل ما من الأعمال، وتُعدّ من أدوات التقويم البنائي.

بالإضافة إلى طرق أخرى كتقويم الأقران والتقويم الذاتي

خاتمة:

نستنتج مما سبق أن التوجه السائد حديثاً في مجال القياس والتقويم هو خلق التنويع والشمول والتكامل في وسائل وأساليب وأدوات القياس المستخدمة، بحيث يتمّ توفير ما يناسب طبيعة المادة الدراسية وخصائص التلاميذ وميولهم ومراحلهم الدراسية، بالإضافة إلى مراعاة الجوانب العملية في تطبيق أو استخدام أداة تقويم معيّنة وتوفير الإمكانات اللازمة للاستخدام الناجح لها.

وعند لجوء المعلم للتعلُّم عن بُعد، فإن اختياره لطرق التقويم الالكتروني الملائمة تساهم في جعل المتعلم فاعلاً ومرناً في بناء معارفه وتنمية مهاراته باستمرار، وتحمُّل المسؤولية في إدارة تعلُّمه، ممّا يساعده في تنمية القدرة على التحليل والتركيب واستخدام مهارات التفكير العليا.