تقلّبات غير مبرّرة للدولار.. هل يصل إلى 38 ألفاً؟
كان أمس يوم الدولار بامتياز، استيقظ اللبنانيون على دولار يُلامس الـ49 ألفاً، لينخفض إلى ما دون الـ43 ألفاً في غضون ساعة، على إثر تعميم أصدره مصرف لبنان أعلن فيه ارتفاع سعر دولار منصّة "صيرفة" إلى 38 ألف ليرة، وإجراء عمليات صرف من ليرة إلى دولار عبر المصارف من دون سقوف أو شروط، وذلك بهدف امتصاص كميات من العملة الوطنية من الأسواق، وضخ الدولارات للتخفيف من ضغط الطلب عليها.
وعن أزمة الدولار والتقلّب غير المنطقي الذي حصل أمس، والذي سبقه صعود غير مبرّر في وقت كان من المفترض أن يهبط سعر الصرف مع وصول المغتربين والسيّاح وانتعاش الحركة الاقتصادية نسبياً، فإن الأسباب ما عادت خافية على أحد، وتكمن أسباب الارتفاع في تهريب الدولارات إلى سوريا من جهة وبكميات كبيرة، وطباعة الليرة اللبنانية بكثافة وإغراق السوق بأوراق ما عادت لها القيمة، ليعود ويسحبها مصرف لبنان من خلال ضخ العملة الصعبة.
وتوقّعت مصادر اقتصادية متابعة، أن ينخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء بالأيام المقبلة وصولاً إلى 38 ألف ليرة، أي سعر منصّة "صيرفة"، لأن اللبنانيين سيلجأون إلى صرف ليراتهم دولاراً من خلال المنصّة، وسيعمد الصرّافون إلى خفض سقف أسعارهم، وإلّا خسروا، لكنها لفتت إلى أن شيئاً غير محسوم بعد، والمفاجآت التي تستجد كثيرة، كما أن السوق لا يخضع لتقلّبات منطقية تحكمه، والصعود الأخير غير المبرّر مثال.
ولفتت المصادر إلى أن الانخفاض الكبير الذي حصل في أقل من ساعة غير منطقي اقتصادياً وفق مبدأ العرض والطلب، لكنه حصل كردّة فعل، بسبب خوف الصرّافين من الانخفاض المرتقب، ورغبتهم ببيع الدولارات التي جمعوها في الفترة الماضية بأسعار عالية، وهذا كان سبب عودة الارتفاع مساءً، فهم أرادوا اقتناص الفرصة قبل بدء سريان تعميم مصرف لبنان.
وأشارت المصادر إلى حديث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سابقاً عن استعداده لضخ مليار دولار في السوق لسحب الليرة اللبنانية. ولفتت إلى أن ذلك يعني أن لمصرف لبنان القدرة على التدخّل بهذا المبلغ حتى 31 تشرين الثاني، تاريخ انتهاء مفعول التعميم.
وختمت المصادر مشيرةً إلى أن حجم التداول على منصّة صيرفة يبلغ يومياً ما بين 30 مليون دولار و90 مليون، لكن هذه المبالغ ليست مؤمنة بالكامل من قبل مصرف لبنان، بل إن جزءاً منها من قبل الصيارفة فئة (أ)، أي الصيارفة الشرعيين، الذين يجرون عمليات صيرفة في السوق ولا يعتمدون على "المركزي" لتأمين الدولار، ما يعني أن لمصرف لبنان هامش أوسع للتدخّل وضخ الأموال.
في المحصّلة، فإن المواطن هو الضحية الوحيدة لعمليات التلاعب النقدي التي تحصل لتكديس أرباح على حساب اللبنانيين الذين سئموا وفقدوا الأمل بتصحيح المسار، بانتظار "معجزة" تنتشلهم من واقعهم المأساوي، وتُعيد إليهم الحد الأدنى من حقوقهم.